الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ
أعلام الأحساء من تراث الأحساء
 
ما تفعله المرأةُ المعتدَّةُ من وفاة

بسم الله الرحمن الرحيم
ما تفعله المرأةُ المعتدَّةُ من وفاة
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله ، وعلى آله ، وصحبه ، ومن والاه .
وبعد فيجب على المطلَّقة طلاقا بائناً، وكذا المتوفَّى عنها زوجُها، أن تسكن في بيتها، فلا يجوز لها الانتقال خارج منزلها، إلا إذا كان دفعها لذلك سببٌ قاهر، كالخوف مِن جار سوء ، أو حصول خوفٍ ووَحْشةٍ عليها في بيتها، بسبب انتقال الجيران، أو سقوط منزل، ارتفاع أجرة المنزل، وعجزت عن سدادها، ولها كذلك المبيت في المستشفى إذا احتاجت لجراحة ونحوها .
أما الخروج من المنزل لقضاء حوائجها، فلها أنْ تخرج من بيتها في الوقت الذي ينتشر الناس فيه وهو النهار، أما الليل فلا تخرج فيه،ولها أنْ تخرج في أطراف النهار إذا كانت الطرقات مأمونة، كما هو الحال بعد المغرب، فالمدار على الوقت الذي ينتشر فيه الناس، فتخرج لتحصيل رزقها، ولها الذهاب إلى عملها إنْ كانت موظفة، ولها الخروج لتجارتها مِن بيع وشراء، ولها أن تحضر الأعراس نهارا، كما كانت أعراس الناس في الماضي، أما إذا كان العُرْسُ ليلا، كما هو حال أعراسنا في هذه الأيام، فليس لها الذهاب-فإن كانت في الحداد فلا تتزين-ولها كذلك أنْ تزورَ قراباتها وصديقاتها، وأنْ تذهب للتعزية، ولها حضور الدعوات، والصلاة في المسجد، لكن لا تبيت إلا في بيتها .
أما الإحداد، فهو خاصٌّ بالمتوفَّى عنها زوجها، فلا إحداد على المطلقة ، بائناً كانت أو رجعيَّة ،والإحداد مأخوذ من الحدِّ وهو المنع يقال: حددتَ الرجلَ إذا منعْتَهُ، ومنه الحدود الشرعية، لأنها تَـمنع، ولذا قيل للبَوَّاب حدَّاد ، وهو في اللاصطلاح الشرعيِّ أن تترك المتوفَّى عنها زوجُها الزينةَ، فتترك جميع ما تتزين به النساء ، أما خصالُ الفطرة، فلا تتركها، فيجوز لها تقليم أظفارها وإزالة شعر الإبط والعانة، وكذلك التنظُّف والاغتسال بالماء والصابون والسدر وغيره، وكذلك لها أنْ تمتشط وتدهن جسمها وشعرها بأنواع الزيوت والكريمات، فلا بأس بهذا كلِّه، ما لم يكُنْ فيه طِيبٌ، فيجوز لها كلُّ ما لا زينة فيه .
فالإحدادُ يتضمن الامتناع من كل ما هو زينةفي الملبس:
فتترك الحليَّ، فلا تلبس قرطاً ولا خلخاً ولا سواراً ، ولا خاتما، ولو من حديد .
ولا تلبس ثياباً تتزيَّن بها، كالملابس الملوَّنة، أما التي ليست للزينة، كالملابس البيضاء فيجوز لها لبسها، رقيقها وغليظها، إلا إذا كان الثوب الأبيضُ زينةً، أي إذا لبسَتْهُ تتزين به، فلا يجوز، فالمدارُ في ذلك على عَوَائد الناس،فالعبرة في كونه يُتَّخَذ زينةً في بيئتها، فإذا كان البياضُ زينةَ قومٍ حَرُم عليها لبسه، وكذلك المرأةُ ناصعةُ البياضِ، ليس لها أنْتلبس الملابس السوداء، لأنَّ البياضَ يُبرزُ حُسنها، فهو زينتٌ لها، أما غير البيضاء فيجوز لها لبس الأسود .
غير أنه إذا اضطُرَّتْ إلى لبس ما هو زينةٌ، فلا بأس بذلك، مثل أن يكون الجوُّ شديد البرودة، ولم تجد غيره، جاز لها لبسه .
وكذلك يتضمن الامتناع من كل ما هو زينة في البدن :
فتترك الخضاب والكحل، فلا تكتحل إلا لضرورة، فإنْ اضطُرَّت للتكحُّل بسبب مرضٍ، جاز لها ذلك، على أنْ تضعَهُ في الليل وتمسحْهُ في النهار .
وتجتَنِبُ الحنَّاء والكَتَم ، فهو من الزينة، وقد يكون من الطيب في بعض البلاد .
وكذلك يتضمن الامتناع من كل ما هو طِيْبٌ:
فتجتنب جميع أنواع الطِّيب، مذكَّرَه ومؤنَّثه، قال صلى الله عليه وسلم: (إن خير طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه، وخير طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه):
فالطيب المذكَّرهو ما ظهر ريحه وخفي لونه، بحيث لا يَعْلَقُ بما يَـمَسُّه مِن ثوبٍ أوجسد، كالياسمين والورد وأنواع الرياحين، فإن الغالب خفاء لونها، فيقال عنه المذكَّر لأن ظهور الرائحة وانتشارها هي المقصود الأعظم منه وليس اللون .
وكذلك تجتنب المؤنث من الطيب، وهو ماظهر لونه، بحيث يَعلَق بما يَـمَسُّه من جسد وثوب، وخفيت رائحته كالزعفران والمسك والكافور،فإنه يُتمتَّع برائحته، غير أنه يقال عنه المؤنث لأن المقصود الأعظم منه ظهور لونه وليس رائحته .
وكذلك ليس لها أنْ تُباشر صناعة العطور والطِّيب، ولا تتاجر فيه، لأن صناعته والمتاجرة فيه تقتضي مَسَّه، ومَسُّهُ في معنى التَّطيبِ به، وإنما يجوز لها التجارةُ في الطيب إذا كانت لا تباشر مسَّهُ بنفسها .
وتجتنب الصابون الذي به طيبٌ تبقى رائحته بعد غسله بالماء، أما الصابون الذي لا تفوح منه رائحة عطرية، وتزول رائحته بالغَسل، فالأمر فيه سهل .
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .
قيس بن محمد آل الشيخ مبارك