الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ
أعلام الأحساء من تراث الأحساء
 
عِدَّةُ المتوفَّى عنها زوجُها

اقتضتْ حكمة التشريع أنْ تقضي المرأةُ زمناً مقدَّراً، بحيث ينتهي بانتهائه جميعُ ما بقيَ من آثار عقد الزوجية، ويُسمَّى هذا الزمن “العِدَّة” فهو زمنٌ قدَّرهُ اللهُ لكلِّ مَن فارقت زوجها بطلاق أو فسخ أو خُلعٍ أو وفاة، وهذا إذاكانت قد تزوَّجت ودخل بها زوجُها، أما التي تزوَّجتْ، ثم طلَّقها زوجُها قبل أنْ يدخل بها، فهذه لم يفرض اللهُ عليها عِدَّة، لا خلاف بين الفقهاء في ذلك، قال تعالى: (فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا)
فإذا فارَقتْ المرأةُ زوجَها بطلاقٍ أو بخُلْع أو بوفاته، فإن عليها أنْ تُـحْصي هذا الزمن، حتَّى إذا انتهى، فقد انتهتْ الصِّلةُ بينها وبين زوجها، فجازَ لها أن تتزوَّج بغيره .
فالعِدَّةُ للمتوفَّى عنها زوجُها أربعةُ أشهر وعشرة أيام بلياليها .
فتبدأ عدَّتُها من يوم وفاة زوجها، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) ولا يُشتَرَط علمُها بوفاة زوجها، فالعدَّةُ تبدأُ من لَحظة الوفاة، وليس مِن وقْتَ العلْمِ بوفاته، واستنادا لذلك، فلو لم تعلم المرأةُ بوفاته إلا بعد أربعة أشهر وعشرا، فقد انتهت عدَّتها، ولا يلزمها استئنافُ عدَّة أخرى .
ثم إن الوفاةَ قد تقع قبل الفجر، وقد تقع بعد الفجر، فلها حالان:
الحال الأول: إنْ حصلتْ الوفاةُ قبل فجر أوَّل يوم في الشهر:
فإن عليها أنْ تحسب يوم الوفاة، أي أنْ تجعله أوَّل أيام العدَّة، لأن الليلة الماضية قد أدركَتْها بإدراك جزء منها، فتعتدُّ بالأهلة، سواءٌ أكانت الشهور كاملة أو ناقصة، فالشهر في الشرع ما بين الهلالين .

وعليه: فتنتهي عدَّتُها بغروب شمس اليوم العاشر من الشهر الخامس .

الحال الثاني: أما إن حصلتْ الوفاةُ بعد الفجر، أي أثناء الشهر، سواءٌ توفِّيَ بعد طلوع فجر أوَّلِ يومٍ في الشهر، أو بعد ذلك:
فعليها أن تحتاط، فتُلغي اليوم الذي توفِّي فيه (بعد الفجر) فلا تحسبه من أيام العدَّةَ .
ثم تنظُر:
أ- فإن كان هذا الشهر الذي حصلت الوفاةُ أثناءه كاملاً (٣٠يوما):
فعليها أن تأخذ من الشهر الخامس أيامًا بعدد الأيام التي مضتْ من الشهر الذي توفي فيه، ثم تزيد يوماً بدل اليوم الذي ألْغَتْه (وإنما تلغيه إذا توفِّيَ نهارا) وبهذا تكون قد أتمَّتْ أربعة أشهرٍ وعشرة أيام .

مثال ذلك: إذا توفِّيَ زوجُها بعد فجر أوَّل يومٍ من الشهر، فجاء الشهرُ كاملا (٣٠يوما) فإنها تزيد يوماً واحداً، بدل اليوم الذي ألغَتْه، تأخذه من الشهر الخامس، فتحلُّ بغروب شمس اليوم الحادي عشر من الشهر الخامس، وأما الشهر الثاني والثالث والرابع فتعتبرها بالأهلة، سواء أكانا كاملين أو ناقصين، أو كان بعضها ناقصا، لأن الشهر في الشرع ما بين الهلالين .
مثال آخر: إذا توفِّيَ بعد فجر خامس يومٍ من الشهر، فإنها تلغي اليوم الخامس، لأنه توفِّي فيه نهاراً، وتزيد يوماً واحداً، بدل هذا اليوم الذي ألغَتْه، فتأخذه من الشهر الخامس، فتحلُّ بغروب شمس اليوم الخامس عشر من الشهر الخامس .
ب -وإن كان هذا الشهر الذي حصلت الوفاةُ أثناءه ناقصا (٢٩يوماً):
فعليها أن تأخذ من الشهر الخامس أيامًا بعدد الأيام التي مضتْ من الشهر الذي توفِّيَ فيه، وتزيد يوماً بدل اليوم الملْغَى، وتزيد كذلك يوماً آخرَ، تكمل به الشهر ثلاثين يوما، لأنَّنا قدَّرْنا عدَّة هذا الشهر الأول بالأيام، احتياطاً، بخلاف الشهر الثاني والثالث، فيقدَّران بالأهلَّة .

مثال ذلك: إن توفِّيَ زوجُها صباح اليوم الأول، فإنها تزيد يوماً واحداً، بدل اليوم الذي ألغَتْه، ويوماً آخر تُتمُّ به الشهر ثلاثين يوما، وأما الشهر الثاني والثالث والرابع، فتعتبرها بالأهلة لا بعدد الأيام، سواء أكانا كاملين أو ناقصين، فتحلُّ بغروب شمس اليوم الثاني عشر من الشهر الخامس .
مثال آخر: إن توفِّيَ زوجُها صباح اليوم العاشر، فإن عدَّتها تنتهي بغروب شمس اليوم الحادي والعشرين من الشهر الخامس .