الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ
أعلام الأحساء من تراث الأحساء
 
الطلاق لعدم القدرة الجنسية من حقوق المرأة

وشكرا جزيلا

الجواب وبالله التوفيق :

ليس للعبد إلا امتثال أمر الله والاستسلام لقهره، وأنتِ تقدَّمَ لك من كنتِ تظنينه صالحاً صادقا، فكانت موافقتك على الزواج منه هي المطلوب منكِ شرعاً، فاحمدي الله على ذلك .

فلما تبيَّن أن بالزوج عيبا يُبيحُ لك طلب الفراق، كان أمامك خياران:

الأول : أن تغضبي وتُولْولي وتكتئبي، وهذا سلوك لَمْ يُبحْهُ لكِ الشرع، ولن يَحلَّ مشكلة لأحد، بل إن ثمرة الاكتئاب ستكون أمراضا نفسية وعضوية، فضلا عن أن هذا السلوك يعني عدم الرضا بالقضاء .

الآخر : أن تعلمي أن هذه مصيبة نزلت بك، ولم تكوني سبباً فيها، فأنتِ قبلتِ الزواج ممن ترضين دينه وخلقه فيما ظهر لك، ثم تحمدين الله أن كانت ولم يكن ما هو أعظم منها، فارْضِ

بقدر الله وقضائه، فقد قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رحمه الله: (مِن أجلِّ مواهب الله تعالى : الرضا بمواقع القضاء، والصبرُ عند نزول البلاء، والتوكلُ على الله عند الشدائد، والرجوعُ إليه عند النوائب )

ثم تَسْعَين في امتثال مُرادات الله التكليفية، بالتوكل عليه باتخاذ الأسباب المطلوبة شرعاً، إما بالبقاء في عصمته وهو ما لَم تفعليه، ولك العذر في ذلك، أو بطلب الفراق، حيث أنكِ غيرُ راغبة في هذا الشاب الذي غرَّر بك، ولا حرج عليك في ذلك، فقد طلبتِ حقاًّ كفله لك الشارع الحكيم، ولكِ الأجر على صبرك على هذه المصيبة .

ثمَّ لكِ بعد ذلك أن تطلبي مزيد الأجر من الله تعالى فتكظمي غيظك، فقد وصف الله أولياءه بذلك فقال : َ(وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ) ولك أن تزيدي فتعفين عمن ظلمك، فقد قال سبحانه: (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) ولا يغلبنكِ الغضب، فقد مدح اللهُ عبادَه بالمغفرة بعد الغضب فقال: (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) .

واعلمي أن الدنيا أيام معدودة، فلا تحزني من مصيبة نزلتْ بك، فهذا شأن الدنيا، فهي معدِنُ الهموم وموطنُ الأكدار، وقد قال الجنيد رضي الله عنه: ( لستُ أستبشع مما يَرِدُ عليَّ من العالم، لأني أصَّلت أصلاً وهو أن ما في الدنيا كلَّه شرٌّ، فَمِن حُكْمِهِ أن يتلقَّاني بكل ما أَكره، فإن تلقاني بما أُحبُّ فهو فضْلٌ، والأصل هو الأول ) .