الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ
أعلام الأحساء من تراث الأحساء
 
المناسبات المباحة لا تحتاج إلى نصٍّ للإباحة فلا تحرم إلا بنصٍّ على تحريمها

لا حرج على المسلم في أن يحتفل لأيِّ مناسبة من المناسبات التي هي مثل مناسبة نجاحه أو نجاح أحد أولاده، أو الحصول على شهادة، أو التخرُّج من الجامعة أو بمناسبة مرور عامٍ أو أعوام على ولادته أو ولادة عزيزٍ عليه، أو غيرها من المناسبات، على ألا يعتقد أن هذه المناسبات بهذه الهيئة وعلى هذا الوصف سنَّةٌ مندوبة، وكذلك لا حرج في تخصيص يومٍ كلَّ سنة أو كلَّ شهر أو كلَّ يوم أو أقلَّ أو أكثر، لقراءة درس في الفقه أو في الحديث أو في السيرة أو الشمائل النبوية أو في أي علمٍ من العلوم، فلا يقال بأنها محرَّمةٌ لأن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لم يفعلها! ومثل ذلك لا حرج في اغتنام أي مناسبة كمناسبة الهجرة النبوية أو الإسراء والمعراج أو غيرها، للتذكير والتوجيه والإرشاد، فكل هذه المناسبات أعرافٌ وعوائد مشروعة، فهي ليست توقيفيةً يُشتَرط في إباحتها أن يُنَصَّ عليها، بل هي على الإباحة الأصلية، فلا تُحرَّم إلا بنص، فلا يُطالبُ مَن احتفل بمناسبة نجاحه أو نجاح أحدِ أولاده، بآية أو حديثٍ على جواز ذلك، بخلاف العبادات فإنها توقيفية، وفيها جاء قول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أحدثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ منهُ فهُوَ رَدٌّ) ولذلك أجمع العلماء على مَنع إثبات عبادة جديدة زائدة على العبادات المنصوص عليها بالكتاب والسنة، مثل إثبات صلاة سادسة غير الصلوات الخمس، أما المباحات فليست توقيفية، فلا تَتوقَّف إباحتُها على ورودِ نص، ومن ذلك صيغة الدعاء، فلم يتعبَّدنا اللهُ بدعاءٍ خاص لا نتعدَّاه إلى غيره، فكلُّ دعاء كان واضحا في لفظه وكان صحيحا في معناه، فإنَّ الدعاءَ به جائزٌ، فلا نحتاج إلى نصٍّ على إباحة الدعاء به، لا خلاف بين المسلمين في ذلك، وإلى هذا أشار الإمام مالك رضي الله عنه حين سُئلَ عن الرٌّقية فقال: (لا بأس بذلك بالكلام الطَّيِّبِ) وقد دَرَج كثير من العلماء من الصحابة الكرام والتابعين ومن بعدهم على قراءة أدعية مخصوصة بعباراتهم، ودَرَجوا على قراءتها في أوقات مخصوصة، ولذا روى الإمامُ مالك في موطَّئه أَنَّ أبا الدرداء رضي الله عنه كان يقوم من جوف الليل فيقول: (نامت العيون وغارت النجوم وأنت الحي القيوم) فهذا دعاءٌ صاغه سيدنا أبو الدرداء رضي الله عنه، فليس آية ولا حديثاً، فلا يقال له أين الدليل، وهذا الشأن في كلِّ مناسبة من المناسبات المباحة التي لا تتناهى، بل تجِدُّ مع الزمن وتتنامى مع الأيام، فلا تكون بدعةً محرَّمة إلا إذا فعلها أحدٌ معتقداً أنها شعيرةٌ إسلامية مندوبٌ إليها بهذه الهيئة، أو أن يعتقد أنَّ مَن تَرَكها فقد تركَ سنَّةً من السنن .