الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ
أعلام الأحساء من تراث الأحساء
 
العمل خيرٌ من البكاء والتباكي على فلسطين

أقلُّ واجب علينا نحن المسلمين، أن نعلم أن قضية فلسطين قضيةٌ واضحة وعادلة وناجحة، فاحتلال اليهود لأرضٍ ليستْ لهم، مسألةٌ لا يختلف فيها اثنان، وما كانوا هم ليزعموا ذلك، فكانت فلسطين واحدةً من خياراتٍ أخرى أمامهم، ثم وقع الاحتلال عليها، وربما لأنها الخيار الأيسر لهم يومَها، والذي يعنيني في هذا المقال، هو أننا فرطنا في فلسطين، بثلاثة أشياء، الأول أننا ابتعدنا عن ديننا، ففَشَتْ في بلادنا المعاصي، وما أظن أنَّ ما أصاب أمَّتنا من احتلالٍ، ومن ضَعفٍ أمام أمم الأرض، إلا عقوبةً على ما فَرَطَ مِنّا مِن ذنوب، والثاني أننا قابلْنا هذا الاحتلال بالاستسلام، بالتنازل والرِّضا بجزءٍ يسيرٍ من الأرض، فظهرَ للعالَم كلِّه أننا نُساوِم على أرضٍ لغيرنا، والثالث أننا لم نحسن عرضَ قضيَّتنا في المحافل الدولية، ولو على مستوى الأفراد والمؤسسات، وسأعرض في هذا المقال خلاصةً لعلها تُجلِّي الحقيقة، فالمسجد الأقصى بناه أبونا آدمُ عليه السلام، بعد أن بنى الكعبة والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى ليس محصوراً في المسجد القِبْلِي الذي بناه سيدنا عمر رضي الله عنه، بل هو شاملٌ لساحة المسجد كلِّها، فهو كلُّ ما كان داخل السور، وبوَسَطِه فقبةُ الصخرة المطهرة، فهو أشبه بمربَّع غيرِ منتظم الأضلاع، فطوله من الشمال للجنوب 490مترا تقريبا، وعرضه من الغرب للشرق300متر تقريبا، فمساحته 144000متر تقريبا، فهو مُتعبَّدٌ للناس جميعاً، قبل أن يخلق اللهُ اليهود، بعد الطوفان جدَّد سيدُنا إبراهيمُ عليه السلام بناءه، وبعدها بألف عام، أوصى نبيُّ الله داودُ ابنَه سليمان عليهما السلام أن يُجدِّد بناءه، وبقي البناء قائماً إلى أن خرَّبه بختَنَصَّر سنة 586 قبل الميلاد، ، وإليه يشير كلام الله تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا) ثم خرَّبه الرومان سنة 134م، ثم إن اليهود بلغ بهم القُبْح والفساد أنْ جعلوا الموضع الذي يزعمون أنه قبرَ سيدنا عيسى عليه السلام ومكان صَلْبه، جعلوه موضعاً لِرَمْي الأوساخ والنجاسات، فلمَّا جاءتْ الملكة هيلانا أم قسطنطين البيزنطي في القرن الرابع الميلادي، انتقمَتْ من اليهود، فأمَرَتْ بإزالة ما بقي من أطلال المسجد، وأخْلَتْه من البناء، ثم جعلتْهُ مزبلةً تُرمَى فيها القُمامة، ثم عمَدَتْ إلى الموضع الذي تظنُّه قبرَ المسيح عليه السلام، فَبَنَتْ عليه كنيسةً سنة 335م تقريبا، وهي التي تُسمَّى كنيسة القبر المقدَّس، وكذلك جرى عليها اسم كنيسة القيامة، لأنّهم يعتقدون أنَّ مِنها سيقوم المسيح، وتُسمَّى كذلك كنيسة القُمامة، نظراً لِمَا كانت عليه موضعاً لرمْيِ القمامة، وهكذا بقي موضعُ المسجد خالياً من البناء إلى أن دخل سيدنا عمر رضي الله عنه القدس، فرأى الزِّبْلَ وقد انحدَرَ على دَرَج الباب، ورأى الصخرة المطهَّرة وقد عَلَتْها كُومةٌ من القُمامة، فأمر بإزالة ما عليها من الأوساخ، ثم مضى إلى جهةٍ من ساحة المسجد وبنى المسجد فوق المسجد الأول، فاليهود لا شأن لهم بفلسطين، ولم تكن أرضاً لهم، وإن رجعنا للتاريخ، فالمؤرخون يؤكِّدون أن اليَبُوسيين، أحد بطون العرب نزحوا إلى فلسطين مع القبائل الكنعانية وبَنوا مدينة القدس، ومن أجل ذلك سمِّيَتْ يَبوس وأرض كنعان، وأكثرُهم أسلَم بعد الفتح الإسلامي، ولم تقم لليهود في القدس دولةٌ إلا خلال حكم نبيِّ الله داود وسليمان عليهما السلام ولمدَّة 70 عاما، وذلك من سنة 1000 قبل الميلاد حتى سنة 928 قبل الميلاد، أليس من القصور أن يرى العالَمُ أجمع، كيف يُعتدى على شعبٍ أعزل، فيُؤتَى بقوم شُذَّاذ آفاق، لم تقبلهم أرضٌ، ولم يسلم من غدرهم أحد، فيستولون على أرضِ غيرهم، ويُهجِّرون نساءها ورجالها، ومَن يَبقى يُعامل بأدنى من معاملة المواطن، لقد صار العالَم أشبه بقريةٍ واحدةٍ، يتجاورُ الناسُ فيها، ويَدري كلُّ واحدٍ منهم بحال الآخر، فما أيسر على مؤسساتنا الإعلامية والثقافية والسياسية، أن تجاهدَ بأضعف صور الجهاد، فتعقد الندوات في بلاد الشرق والغرب لتبصير المجتمعات غير المسلمة، بل لتبصير أفراد المسلمين الذين لا يعلمون حقيقة قضيَّة فلسطين، فهذا خيرٌ من الضجيج الإعلامي، ومن البكاء والتباكي فيما بيننا .

http://www.alyaum.com/article/4002673