الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ
أعلام الأحساء من تراث الأحساء
 
عارٌ علينا أنْ نجعل من أحداث غزة سبباً للفُرقة

اتَّخذ اليهود من احتلال فلسطين سبباً لِلَمِّ شملهم، ليكون الاحتلال حبلاً يعتصمون به، بعد أنْ تفرَّقوا وتقاذفتْ بهم البلاد، وهو لَمُّ شملٍ ضعيفٍ لأمَّةٍ قلوبها شتَّى، وأقاموا مظلوميَّةً لعلَّها تؤلِّف بين قلوبهم، فاليوم التاسع من أغسطس اتخذه اليهود يومَ حدادٍ ومظلوميَّةٍ، فيبكون ويندبون انتظارا لخروج المخلِّص ماشِـيَّح، الذي يقولون إنه سيؤسس مملكة صهيون، وسيُهلك أعداء اليهود، وسيَبْنِي الهيكل المزعوم، فجعلوا من البكاء والتباكي سلوكاً يتعبَّدون به عند حائط البُراق الذي يزعمون أنه من بقايا الهيكل، فأساطيرهم تتنامَى ونُواحهم يتجدَّد ومزاراتهم تتولَّد، إلى أن يتم بناء الهيكل المزعوم، والذي لم يتَّفقوا على وجوده، فلم يبْنِ نبيُّ الله سليمان عليه السلام هيكلاً، وإنما جدَّد بناء المسجد الأقصى، فلأجل ما وقع مِن تدميرٍ للهيكل المزعوم اخترع اليهودُ فكرةَ المظلومية، ويلاحظ أنه لم يكن في القدس أحدٌ من اليهود قبل الإسلام، لأنها ليستْ أرضَهم، وإنما أتوها من مصر مكرَهين، وحين فتحها سيِّدُنا عمر رضي الله عنه طلب منه النصارى ألا يسمح لليهود بسُكْنى القدس، لسوء سيرتهم، غير أن المسلمين وقعَ منهم تسامحٌ، فسمحوا لليهود بدخولها بعد ذلك، وحين دخل الصليبيون إلى القدس، طردوهم منها، بل وأحرقوا مَن وجدوه من اليهود داخل أحد معابدهم، فلمَّا خلَّصها صلاح الدين، عادوا للقدس مرَّة أخرى، وكان عددهم قليلا، وزادوا حين طُرِدوا من الأندلس، وسمحت لهم الدولة العثمانية بالدخول إلى القدس، وأكثر مِن ذلك، ففي القرن السادس عشر الميلادي، أصدر السلطان سليمان القانوني، يرحمه الله، فَرَمَاناً سمح فيه لليهود بالصلاة عند الحائط الغربي، فمِن ذلك اليوم بدأ اليهود ينسجون الأساطير حول الحائط الغربي الذي لم يكن لليهود اهتمام به مِن قبل، فزعموا أنه بقية سور أورشليم، وأنه الجزء الخارجي للهيكل الذي رمَّمه هيرودوس، ودمَّره بعد ذلك القائد الروماني تيطس أو تيتوس سنة70م، في التاسع من أغسطس حسب التوقيت اليهودي، وكان تخريب بختَنَصَّر قبل ذلك، ويوافق أيضا حسب زعمهم التاسع من أغسطس سنة 586 قبل الميلاد، فلذلك جعلوه يومَ بكاء وعويل، إنَّ ما يحصل في فلسطين اليوم مِن احتلالٍ وظلم، ينبغي أن يكون لنا سببا من أسباب الوحدة بين المسلمين، لأن ما قام به اليهود ليس مجرَّد احتلالٍ لأرض، بل هو أيضاً اعتداءٌ على مقدَّساتنا، فلا غرابةَ أن تكون قضيةُ فلسطين عنواناً لوحدتنا، فوا عجباً لنا كيف جعلْنَا ممَّا يحدث اليوم في غزَّة باباً من أبواب النزاع والشقاق، والله تعالى يقول: (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) عارٌ علينا أن يرمي الأخُ أخاه بأنه يتاجرُ بدماء الشعب في سبيل نصرٍ موهوم! وعارٌ كذلك أن يتَّهم الأخُ أخاه بمؤازرة اليهود، أين هذا من خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان همُّه هداية الخلق، فحين قيل: يا رسول الله ادعُ على المشركين قال كما في صحيح مسلم: (إني لم أبعث لعاناً، وإنما بعثت رحمة) وقال حين أمْكَنَهُ اللهُ منهم وقد فعلوا أسوأ ما يمكن أن يفعله بشرٌ في حقِّ نبيِّ كريم: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) إنَّ وسيلة الدعوة إلى الله تعالى يجب أن تكون موافقةً لشرع الله، فلسْنَا أغْيَرُ من الله، ثم إنَّ مَن زلَّ لسانُه وغوَى قلمُه، بمسيس الحاجة إلى أن نترفَّق به، ونأخذ على يده، لا أن نفتنه في دينه، فلا يجوز أن نعين الشيطان عليه، فخَطَرُ الفتنة يعمُّ كما قال تعالى: (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً)

http://www.alyaum.com/article/4003614