الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ
أعلام الأحساء من تراث الأحساء
 
عِدَّةُ المطلَّقة

اقتضتْ حكمة التشريع أنْ تقضي المرأةُ زمناً مقدَّراً، بحيث ينتهي بانتهائه جميعُ ما بقيَ من آثار عقد الزوجية، ويُسمَّى هذا الزمن “العِدَّة” فهو زمنٌ قدَّرهُ اللهُ لكلِّ مَن فارقت زوجها بطلاق أو فسخ أو خُلعٍ أو وفاة، وهذا إذاكانت قد تزوَّجت ودخل بها زوجُها، أما التي تزوَّجتْ، ثم طلَّقها زوجُها قبل أنْ يدخل بها، فهذه لم يفرض اللهُ عليها عِدَّة، لا خلاف بين الفقهاء في ذلك، قال تعالى: (فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا)
فإذا فارَقتْ المرأةُزوجَها بطلاقٍ أو بخُلْع أو بوفاته، فإن عليها أنْ تُـحْصي هذا الزمن، حتَّى إذا انتهى، فقد انتهتْ الصِّلةُ بينها وبين زوجها، فجازَ لها أن تتزوَّج بغيره .
فالمطلَّقة، إنْ لم تكن حاملاً، ولم تكن ممن انقطع عنها الدم، فإنَّ عدَّتَها ثلاثةُ أطهار:
فتبدأُ عدَّتُها من يوم طلاقها، قال تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) قالت أُمُّنا عائشةُ رضي الله عنها: ( إنما الَأْقراءُ الأطهار)

ولا يُشتَرَط عِلْمُ الزوجة بأنَّ زوجها قد طلَّقها، فالعدَّةُ تبدأُ من لَحظة وقوع الطلاق، وليس مِن وقْتَ العلْمِ به، واستنادا لذلك، فلو لم تعلم المرأةُ بطلاق زوجها لها، إلا بعدثلاثة أطهار، فقد انتهت عدَّتُها، ولا يلزمها استئنافُ عدَّةٍ أخرى .
ثم إنَّ الطلاقَ قد يقع في زمن طهرٍ وقد يقعُ في زمن حيض:
فإذا وقع الطلاقُ في حال طهرها:
فإنها تجعل هذا الطُّهْرََ أوَّلَ قُرْءٍ لها، سواءٌ وقع في أول الشهر أو في أوسطه أو في آخره، ولو وقعَ قَبْلَ الحيض بلَحْظة، ثم تَعدُّ بعد هذا الطهر ثلاث حيضات، فتَكتملُ الأطهار الثلاثة بأوَّل الحيضة الثالثة، فبنزول أول قطرة دم تنتهي عدَّتُها، لأن الأصل والغالب أنَّه حيضٌ، لأنَّ الدَّمَ إذا نزل فالأصل فيه أنه يستمرُّ، ولا ينقطع .
لكن لـمَّا كان الدَّمُ قد ينقطع -وهذا نادر- أي ينزل دفعةً واحدة ثم ينقطع، فيُسْتحبُّ لها أن تنتظر يوماً أو بعض يومٍ، احتياطاً لبراءة الرحم .
ذلك أنَّ انقطاع الدم يفيد أنَّه ليس حيضا، فالحيض في باب العدَّة هو ما ينزل ويستمر بعض اليوم، أما الحيض في باب العبادة فالدفعة منه تُعدُّ حيضاً .
أما إن وقع الطلاقُ في حال حيضٍ أو نفاس، فتحلُّ بأول الحيضة الرابعة، لأنَّ الطُّهرَ الثالثَ يتمُّ برؤية الحيضة الرابعة .