الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ
أعلام الأحساء من تراث الأحساء
 
جواباً عن سؤال واستفسار طُرح على برامج التلفزة حول ما في المناهج الأزهرية من جواز أكل الميتة للمضطر

http://www.youtube.com/watch?v=cMVZelr2AuI

جواباً عن سؤال واستفسار طُرح على برامج التلفزة حول ما في المناهج الأزهرية من جواز أكل الميتة للمضطر
أقول :

هذا الكلام يشير إلى حالةٍ يصل المرءُ فيها إلى حالةٍ يَشتدُّ يتيقَّنُ فيها الموت من شدَّة الجوع، فيجدَ أنه مضطرٌّ إلى دَفْع الهلاك عنه بأكل شيءٍ محرَّمِ عليه، فالمضطرُّ يُباحُ له ما حَرُمَ عليه في الأحوال المعتادة، لقول الله تعالى في سورة البقرة: ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) وليس المقصود بالاضطرار الجوع الشديد، فهذا لا يُعَدُّ اضطراراً باتِّفاق الفقهاء، وإنما الاضطرار أن يخاف المرءُ على نفسه أنْ يَهلك، ولا يُشترَطُ كذلك أنْ يصير المرءُ إلى حالٍ يُشْرِفُ معها على الموت، فإن الأكلَ عند ذلك لن يفيده، فالأكل من الميْتَة أُبيحَ في حالِ الخوف من الهلاك .
وههنا أمرٌ آخر، وهو ألا يجدَ المرءُ ميتةً إلا آدميّاً، فهل يأكل منه؟ أو يمتنع فيعرِّض نفسه للموت، قال العلماءُ: له أن يأكل منه، وحيث جاز الأكلُ منه، لا يجوز التوسُّع بشيِّه ولا طبخه، نصَّ على ذلك الشافعية، قالوا لأن فيه هتكا لحرمة الميِّت .
وهنا مسألةٌ أخرى، تكلَّم عنها الفقهاء، رغم أنها لا تكادُ تقع، لا قليلا ولا نادراً، غير أنَّ حقَّ العلم يدفع الفقهاء إلى بيان أحكامها، وهي ما إذا لم يجد المضطرُّ إلا إنسانا مُهدَر الدَّم، أي إنساناً حَكَم القضاءُ عليه بالقتل، فصارَ مطلوباً للقتل، لجنايةٍ وَقَعَتْ منه، كمَن قتل رجلاً ثم هرب، أو أن يجدَ محارباً للمسلمين، فهل يعامَل هذا معاملة الميِّت، لأنه مُهدرُ الدم، باعتبار أنه يجبُ قَتْلُه، ومثال ذلك أن يَجدَ المضطرُّ مسلماً ارتدَّ، ووقف في صفِّ العدوِّ، ثمَّ حكم عليه القضاءُ عندنا بوجوب قَتْلِه، فإنه إنْ وَجدَه رجلٌ، وكان في حالة اضطرارٍ يخافُ الهلاك إن لك يأكل، ففي هذه الحالة يجوز له قَتْلُه وأكل ما يَدْفَع الهلاك عنه .
ويُلاحظ أن الشريعةَ الإسلاميَّة نَهَتْ عن قتل النساء والأطفال، غير أنهم إن إذا دخلوا بلادنا، أو استوطَنوها، صاروا بمنزلة المحاربين، كحالِ اليهود الذين احتلُّوا فلسطين اليوم، كلُّهم لهم حُكم العدوِّ المحارِب لنا، وكذلك مَن معهم مِن نسائهم وأطفالهم .
وأما تعليم الصغار هذه الأحكام، فلا أراه، ليس لأنه يَدْفَع أولادَنا للتطرُّف، فلا دَخلَ له في دَفْع الأطفال للتطرُّف، لكن لأنها أحكامٌ تتعلَّق بمسائل أكبر من عقولهم، وواجب المربِّين تربية الناس على صغار العلم قبل كباره .
كتبه
د . قيس بن محمد آل الشيخ مبارك