الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ
أعلام الأحساء من تراث الأحساء
 
سُكْ فاكَ يا أمير المؤمنين

ذكرتُ في المقال السابق أهميَّة دراسة العربية، ليكون الكاتب قادراً على إيصال المعنى بأدقِّ الكلمات، وأشرتُ إلى ما يبذله بعض القرّاء اليوم من جهد في فهم بعض المقالات، لِيَتبيَّن المعنى الذي يَرمي إليه الكاتب، بعباراته المُوهِمة، وألفاظه الغريبة، وكلماته المحتملة، وتراكيبه المضطربة، فكثيراً ما يجد القارئ أن للكلام عديداً من المعاني والدلالات، وربما فهمَ معنى مناقِضاً لمقصود الكاتب، وعليه فالمأمول من شبابنا حين يكتبون أن يتوخَّى الواحدُ منهم اللفظ الفصيح الصحيح، فقد كان العرب في الجاهلية كما قال شيخ الإسلام محمد الطاهر بن عاشور: (يُلقون أبناءَهم وبناتهم، ما هم في احتياجٍ إليه مِن المعارف، يُعِدُّونهم بها إلى الكمال المعروف عندهم، وكان أوَّلُ ذلك عندهم، التدريبُ على الفصاحة وإن كانت جِبِلَّةً فيهم، ولكنهم يَذُودون عن أبنائهم الخطأ، ويَعصمونهم مِن اللَّكْنَةِ والخَطَل) ويُرْوَى عن عبد الملك بن مروان أنه قال: (تعلموا العربية فإنها المروءةُ الظاهرة، وقلَّ مَن تَقدَّمَ في علمٍ من العلوم إلا بمعرفة الأدب، ومقاييس العربية والنحو) ومن بديع ما يُحكَى عن الخليفة العبَّاسيِّ محمدٍ المهدي أنه دعا أديباً ليجعله مؤدِّباً لابنه هارون الرشيد، وكان الشأنُ في الخلفاء تهذيب أولادهم وتعليمهم، فحين جاء إليه سأله المهديُّ: كيف تأْمُرُ مِن السِّواك؟ فقال المؤدِّبُ: اسْتَكْ يا أميرَ المؤمنين، فقال المهديُّ: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم قال: التَمِسوا لَنا مَن هو أفهمُ مِن هذا الرَّجل -لأنَّ كَلمةَ "اسْت" اسمٌ للمؤخِّرَة- فقالوا له: ههنا أديبٌ مِن أهل الكوفة، يقال له عليُّ بن حمزة الكِسَائي، قدِمَ من البادية قريباً، فاستدعاه، وحين دخل عليه قال المهديُّ: يا عليَّ بن حمزة كيف تأْمُرُ مِن السِّواك؟ فقال: سُكْ فاكَ يا أمير المؤمنين، فقال المهديُّ: (أحسنتَ وأصبتَ) ومما عِيبَ على المولَّدين من الشعراء قولُ أحدِهم: (لمّا نظرتُ إلى كتابي ضمَمْتُهُ* وقبَّلْتُهُ بالثَّغْرِ فَهْوَ حبيبي) وجَهِلَ المسكين أنَّ الثَّغْرَ هو الأسنان، لا الشفتان، والمرءُ لا يُقبِّلُ الأشياءَ بأسنانه، وسُبُل تقوية الملَكة اللغوية لدى الشباب سهلةٌ جداً، ومن أيسرها أن يجعل الشابُّ والفتاة لهم ربع ساعةٍ في اليوم، يقرأ الواحدُ منهم عدداً معلوما من صفحاتِ كتابٍ بليغ، شريطةَ أنْ يكون مشكولاً ليُقرأَ قراءةً صحيحة، مثل كتاب الكامل في الأدب للمبرِّد، يَقرأ منه صحيفتين أو ثلاثة، بصوتٍ يسمعه مَن بجواره، فسيجدُ أنه بعد شهر أو شهرين قد استقام لسانُه، وحَسُن مَنطقُه، وسَهُلَ عليه انتقاء الكلمات المناسبة للمعاني التي يريد التعبير عنها، وأختم بكلمةٍ بليغةٍ قالها أحد أئمة اللغة في عصرنا وهو الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي رحمه الله، قال في كتابه وحي القلم: ( أما اللغة فهي صورةُ وجودِ الأمَّة بأفكارها ومعانيها وحقائق نفوسها، وجودًا متميزًا قائماً بخصائصه؛ فهي قوميَّةُ الفِكْر، تَتَّحِدُ بها الأمَّةُ في صُوَر التفكير وأساليب أَخْذِ المعنى من المادة؛ والدِّقةُ في تركيب اللغة دليلٌ على دقَّةِ المَلَكَات في أهلها) .


قيس المبارك
أستاذ تعليم عالي
qmubarak@hotmail.com
تويتر: @Qais_almubarak

اللغة وعاءٌ تُسكبُ فيه ألطفُ المعاني

اللغة عند كلِّ أمَّةٍ هي الأصواتُ التي يعبِّر الناسُ بها عن المعاني التي تجول في خواطرهم، فيعبِّرون بها عن تصوُّراتهم، مهما تنوَّعتْ، وعن كل أمرٍ تشتمل عليه نفوسُهم من الخواطر، وهذا معنى قولِ أبي الفتح عثمان بنِ جنِّي رحمه الله في كتابه الخصائص، حين عرَّف اللغة بقولٍ جامعٍ لماهيَّتها، أي بالحدِّ بقوله: (حَدُّ اللغة: أصواتٌ يُعبِّر بها كلُّ قوم عن أغراضهم) فجميع المعاني التي تُكنُّها السرائر وتنطوي عليها الضمائر، إنما هي أفكارٌ تَنبضُ في النفوس، وعواطف تختلج في الصدور، ولابدَّ لهذه المعاني -إن أردنا إخراجَها وإبرازها للناس- من مَظهرٍ تتجلَّى فيه، أي إلى ألفاظ تدلُّ عليها، وهذه الألفاظ أشبه ما تكون بالقوالب والأوعية التي تُصبُّ فيها المعاني، واللغة العربية لا تجاريها لغةٌ في صفاء ألفاظها ونقائها، ولا في جمال تراكيبها وبهائها، ولا في جودة ألفاظها، ومن المعلوم أن ظهورَ المعاني ووضوحَها لا يكتملُ إلا بجودة الألفاظ وصحَّة سبكها،لتُصيبَ المعنى وتنطبق عليه أتمَّ ما يكون التطابق، ومن هنا قال الإمامُ الشافعي رحمه الله في كتابه العظيم (الرسالة): «ولسانُ العرب: أوسعُ الألسنة مذهباً، وأكثرُها ألفاظاً، ولا نعلمُهُ يحيط بجميع علمِهِ إنسانٌ غيرُ نبي، ولكنه لا يَذهب منه شيءٌ على عامَّتها» وقد أنزل اللهُ كتابَه الكريم بهذه اللغة فقال: (إِنَّا أَنزلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) قال الحافظُ ابن كثير في تفسير هذه الآية: «وذلك أن لغةَ العرب أفصحُ اللغات، وأبينُها وأوسَعُها، وأكثرُها تأْديَةً للمعاني التي تقوم بالنفوس، فلهذا أُنْزِلَ أشرفُ الكتب بأشرف اللغات، على أشرف الرسل، بسفارة أشرف الملائكة، وكان ذلك في أشرف البقاع الأرض، وابتَدَأ إنزالُه في أشرف شهور السَّنة وهو رمضان، فَكَمُلَ من كلِّ الوجوه» فَمِن بلاغة لغة العرب أنَّ كلمةَ "قعد" تدلُّ على معنى مغايرٍ للمعنى الذي تدلُّ عليه كلمةُ "جلس" أو كلمة "مكث" أوكلمة "بَـقِـيَ" أوكلمة "استقر" فكلُّ كلمة من هذه الكلمات المترادفة تدلُّ على معنى مختلف عن معنى الكلمة الأخرى، وهذه المغايرة هي التي تعطي اللغةَ العربية سعةً وانفتاحاً، لتلبِّي المعاني التي لا تتناهى كثرةً، ثم إن ما في لغة العرب من تفنُّنٍ في أساليبها، من التقديم والتأخير، وما فيها من ضوابط وقُيودٍ وحدود وروابط، ومن الحقيقة والمجاز، ومن الاستعارات والكنايات بأنواعها، ومن المحسِّنات والبديع الذي هو حُلا اللغةِ وحلاوَتها، ومن كثرة حروف الجر والضمائر وأسماء الإشارة، ومن اشتقاقات الأسماء والأفعال، ومن كثرة التراكيب النحوية والصرفية، والإعراب الذي به تستبين المعاني، ويرتفع به الإبهام والإيهام، كلُّ ذلك يجعلها أقدرَ اللغات على التعبير عن المعاني مهما دقَّتْ، ويكون ذلك بأقلِّ عددٍ من الكلمات، فيحصل إدراك العقول للمعاني بيُسْرٍ وسهولة، ومن أجْلِ هذا قال حافظ إبراهيم رحمه الله على لسان اللغة العربية:
وَسِعْتُ كِتَابَ الله لَفْظَاً وغَايَة ً   وَمَا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بهِ وَعِظِاتِ

فكيفَ أَضِيقُ اليومَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ    وتنسيقِ أَسْمَاءٍ لمُخْتَرَعَاتِ

فكأني به رحمه الله يوجِّه كلامه إلينا، وقد رأى ركاكةَ أسلوبِ كثيرٍ من الكتَّاب اليوم، إنْ في الصُّحف، أو في المجلات، أو في مواقع الإنترنت، مثل تويتر والفيسبوك وغيرها، كأني به يرى عجز كثيرٍ من القرَّاء عن فهم بعض ما يُكتَب، بسبب ضَعف اللغة العربية عند الكاتب، ويعلمُ الله أني أبذل جهداً مضاعفاً في قراءتي لبعض المقالات،كي أتبيَّن المعنى الذي يَرمي إليه الكاتب، بعباراته المُوهِمة، وألفاظه الغريبة، وكلماته المحتملة، وتراكيبه المضطربة، وللحديث بقيةٌ في المقال اللاحق.

http://www.alyaum.com/article/4012592

قدوتنا أخلاق الأنبياء.. لا طيش السُّفهاء

إن المتأمل في نصوص الشريعة الإسلامية القرآنية والحديثية يقف على حقيقة شرعية مجمع عليها وهي الأمر بطلب العلم والحض على تحصيله، ولقد سئل الإمام مالك رحمه الله عن طلب العلم ، أفرضٌ هو؟ فقال: (أمَّـا على كلِّ الناس فلا) أي أن طلب العلم فرضٌ من فروض الكفايات التي يلزم المسلمين أن يطلبوها، بحيث لو قصَّروا في طلبها أثموا جميعاً، وإذا قام بها بعضهم سقط الإثم عن الجميع، ويُستثنى من ذلك ما لا يَسَعُ الإنسانَ جَهْلُهُ، مثلَ صفةِ الوضوء، وصفةِ الصلاة، وصفة الصوم، وكذلك صفة الزكاة، إن كان ممن تجب عليه الزكاة، بخلاف الفقير، فلا يجبُ عليه تعلُّمُ أحكام الزكاة، فإنْ تَوَفَّر عنده نقدٌ، وَجب عليه تعلُّم أحكام زكاة النقدين، وإن صارَ عنده إبلٌ وَجبَ عليه معرفة أحكام زكاة الإبل، وكذلك مَن كان إماماً أو خطيباً، وَجبَ عليه معرفةَ أحكام الإمامة والخطابة، وعليه فكلُّ صاحب صَنْعةٍ، يجبُ عليه إتقانُ صَنعتِه فيها، ليؤدِّيها على أكمل حالٍ وأتمِّه، يبيِّنُ ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (إنَّ الله يحب إذا عملَ أحدُكم عملاً أنْ يُتْقِنَهُ) وقوله في الحديث الآخر: (إن الله كتب الاحسان على كلِّ شيء) وهذا شاملٌ لجميع الأمور دقيقِها وجليلِها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (إذا كَفَّنَ أحدُكُمْ أخاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ) ومن بديع ما يُروى عن البُهلول بن عَمْرٍو الصَّيرفيِّ أنه قال للخليفة هارون الرشيد: يا أمير المؤمنين كيف لو أقامكَ اللهُ بين يديه فسألك عن النقير والفتيل والقطمير؟ فخَنَقَتْ الرشيدَ العبرةُ، فقال الحاجب: حسبُك يا بُهلول، قد أوجعتَ أميرَ المؤمنين، فقال الرشيدُ: دَعْهُ، فقال بُهلول : إنما أفسدَهُ أنت وأضرابُك) ثم إن تعلُّمَ العلوم التي لا يُستغنَى عنها في أمور الدنيا، واجبٌ كفائيٌّ على الأمَّة، قال تعالى «وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» والدعوة إلى الخير لا تكون إلا ممن درسَ الخير وعَـلِـمَـه فأَمْكَنَه أن يدعوَ إليه، قال سُحنون بن سعيد التَّنوخي رحمه الله تعليقاً على هذه الآية الكريمة: (مَن كان أهلاً لِـتـَقَـلُّـد العلوم ففرضٌ عليه أن يطلُبَها) فطلبُ العلم واجبٌ قبل العمل، بإجماع العلماء، فمن عملَ بجهلٍ، فقد أفسد الحرث والنسل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ) ويحسن بي أن أذكر ما رواه الإمام مالكٌ عن سيدنا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: (كُونوا للعِلْم رُعَاةً، لا تكونوا له رُوَاةً) فالعلم النافع هو ما سبقه العلمُ، وسبقتْهُ الخشية للقلب، فَسَكَنَه الخُلق، وظهر فيه الحياء، وهذا المعنى دلَّ عليه قول سيدنا عبد الله بن مسعود أيضاً وهو يخاطب بعض الناس: ( إنك في زمان كثيرٌ فقهاؤه قليل قراؤه، قليلٌ من يسأل، كثيرٌ من يُعطي يبدؤون أعمالَهم قبل أهوائهم، وسيأتي على الناس زمان قليل فقهاؤه كثيرٌ قراؤه، تحفظ فيه حروف القرآن وتضيَّع حدوده، كثيرٌ من يسأل قليل من يعطي، يبدؤون فيه أهواءَهم قبل أعمالهم ) ولمْ يُرد بذلك أنَّ من يقرأ القرآن كان قليلا في زمانه، وإنما أراد أنَّ الصحابة الكرام كانوا يفقهون كلام الله تعالى، فلم يكن حظُّهم منه قراءَته دون الفقه فيه، ولذلك تَكون أعمالُهم موافقةً لشرع الله، وليستْ تابعةً لأهوائهم، بخلاف مَن قلَّ فقهُهُ وقلَّ وَرَعُه، فهؤلاء قال عنهم أبو الوليد الباجي رحمه الله : (إذا عَـرَضَ لهم هوىً وعملٌ، بدؤوا بعَمَلِ الهوى) وهذا المعنى نجده واضحاً وجليّاً فيما تعيشه العراق والشام، من ثلَّةٍ من الشباب الأغرار الذين أقدَموا على أعمالٍ لَـمْ يَعلَموا حُكم الله فيها، فتلاعبتْ بهم أهواؤهم، فكانوا أبعدَ الناس عن هَدْيِ النبوَّة، فاستباحوا الحُرُمات بأخلاق السُّفهاء، فرضي الله عن سيدنا عبد الله بن العباس، في قولِه واصفاً الرَّعيل الأوَّل الذين تخلَّقوا بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم: حلماءُ فقهاء.

http://www.alyaum.com/article/4011012

أثر الفقهِ والوَرَع في الحفظِ مِن التطرُّف

عبد العزيز بن عبد اللطيف المبارك، شابٌّ ولد في مدينة الهفوف بحاضرة الأحساء سنة1310هـ، فنشأ في بيئة الأحساء العلمية، عُرفَ بجودة الشعر وسرعة الحفظ، أخبرني عمُّه ورفيقُه الشيخ محمد بن إبراهيم المبارك، قال: عزمتُ مع أقراني أن نذهب في رحلةٍ للبساتين لِنَبيتَ فيها ونعود في اليوم الثاني، فاعتذر زميلُنا عبد العزيز ولم يذهب معنا، وحين رجعنا في عصر اليوم الثاني، أخبَرَنا أنه سَهَرَ تلك الليلة وأتمَّ حفظ سورة البقرة، وفي أحد الأيام سافر صديقُه الشيخ عبد العزيز العكَّاس إلى الرياض، وحين عاد هَنَّأَهُ على البديهة، ويَدُه في يَدِه قائلاً: (لَهوتُمْ "بالرياض" وهُنَّ مَلْهَـى*** وخــلَّــفْــتُــمْ فــؤاديْ قَيْــدَ "هَجْــرِ") (قَـضَـيْـتُ أسـىً ومـا بِـيَ غيـرُ بَـدْرِ *** وحسبـيْ أنْ أكــونَ شهيــدَ بَـدْرِ) فالرياض تعني مدينة الرياض وتعني جمع روضة، وهجر تعني مدينة الأحساء، وتعني الهُجران والبدر الأول هو صديقه، والبدر الآخر غزوة بدر، وكان رحمه الله رغم حداثة سنِّه يحملُ هموم أمَّته، وله قصيدةٌ وصف فيها حالَ المسلمين، ورغم مُضِيِّ أكثرَ من تسعين عام عليها، لا تزالُ في جِدَّتها ونضارتها، يقول فيها:
هـــلْ مَــنْ يُــــجــــيــــبُ إذا دَعَــوْتُ الــــدَّاعــي *** وَيَعِـي الخِطــــابَ وأيْــــنَ مِنِّـــي الواعــــي
ذَهَــبَ الرِّجـالُ وخـلَّــــفــــوا أشْــــبـَـــاهَــــهُــــم ***والمــــــــاءُ يَـــــــخْــــلُفُــــــــهُ ســــرابُ الــقــــاعِ
ضـيَّـعــــتُــــــــمُ الإســــــــلامَ شــــــــرَّ إضـاعــــــــةٍ ***عُلِمَــتْ فَضِـــعْــــتُــــمْ بــــعــــدُ شـرَّ ضَـيـاعِ
كـم ذا تُهضِّمُــــنــا العِــــدا وتَــــسُــــومُــــنــــا ***سَـــــــوْمَ الــــعــــذابِ مُــــلــــــــوَّنَ الأنـــــــواعِ
الــــقَــــوْمُ همُّـــهُـــــمُ الـــــرُّقِــــــــيُّ وهــــمُّــــنــــــــا ***في فُــــــــرْقَــــــــةٍ وقــــطــــيـــعَـــــةٍ ونِـزاعِ
ســــادَ الخِــــلافُ بـــــــرأْيــــنــــا وتــــغــــلَّــــبَــــتْ ***في جمْعِــــنــــا الفَـــوْضــــى فــمـا مــــن راعِ
وحين جاوز العشرين، قرَّر الالتحاق بالثورة الليبية تحت لواء عمر المختار، ثم غادر الأحساء سرّاً، متوجَّها إلى ميناء العُقَير، أشهر ميناء بالخليج العربي يومها، فأغلب أهل الأحساء يسافرون منه، غير أن بعض أقاربه أدرَكوه في الميناء، وقالوا له بأن الجهاد في ليبيا جهادُ دَفْعٍ للعدوِّ، وهو فرضُ عَينٍ على القادرين من أهل البلاد التي اعتُدِيَ عليها، ثم مَن يليهم، بخلاف المساعدة بالمال، ففرضُ عين على جميع المسلمين، وذكروا له أن أُمَّهُ غيرُ راضيةٍ عن ذهابه، فذهابُهُ جائزٌ وطاعتها واجبةٌ، فامتَثَلَ لحكم الله ورجع، وهذا من فقهه رحمه الله وورَعِه، فلو كان قليل الفقه لغَلَبَتْهُ نفسُه، ولانجذَب إلى واقِعِه، وعزَّ عليه القعود، ولَبحث عن أحدٍ يبيحُ له الذهاب، ولو بحث فإنه لن يجد، لأن فقهاءَ ذلك الزمان كانوا ملتزمين بمرجعيَّتنا، وهي فقه الكتاب والسنة الذي حَفِظتْهُ لنا المدارس الفقهية الأربعة، فاستنبطتْ هذه المدارسُ من نصوص الكتاب والسنَّة أصولاً كلِّيَّة وقواعدَ ضابطة، تنتظم كلَّ مسألةٍ تَجدُّ، وكلَّ نازلةٍ تقع، لأن النُّصوصَ ثابتةٌ والوقائع لا تتناهى، فليست مرجعيَّتُنا أشخاصاً، تتضاربُ فتاواهم جيلاً بعد جيل، كحال كثير من الفرق قديماً وحديثاً، فكثيرٌ ممن ينتسب لأهل السنة من الجماعات المتطرفة، المسلَّحة وغير المسلَّحة، دينُ الله عندها هو ما يقولُهُ مرجعها الأعلى، أي زعيمُها -أومجلس شوراها- فهو المرجعية الدينية، فشعارُها "نحن رجالٌ، والأئمَّة السابقون رجال" مرجعيَّاتٌ تتولَّد في كل زمان ومكان، فكلما تولَّى مرجعٌ -بموتِ مَن قَبْلَه، أوبِتَغَلُّبِه- دَفَنَ مَن سبقه، وصار يُشرِّقُ ويُغرِّب، بفتاوى لا خِطامَ لها ولا زِمام، كفتاوى رضاع الكبير وفتاوى استباحة الدماء وتكفير المخالف وغيرها، إنَّ مرجعيَّتَنا أصولٌ متَّفقٌ عليها، هذه الأصول هي المادَّةُ الضابطةُ للاجتهاد، لألا يكون للهوى والميول الشخصيَّة أثرٌ في الاجتهاد، وهو ما تعانيه هذه الجماعات، التي تتنامَى مع الزمن، والتي سمَّاها علماؤنا "أهلُ الأهواء" أما ما عليه سلَفُنا ومَن تَبعهم، فإنه إذا اختلف فقيهان في مسألةٍ عقديَّة أو فقهية، فما أيسر العودة لكتب الفقه والعقيدة المعتبرة، فيُحسَم النزاع، ويرتفع الخلاف .

مقصودُ الشريعةِ تحريرُ العبيد، وليس استرقاق الأحرار

خلق الله الناسَ أحراراً، فجعل الحرِّيَّة أصلا ثابتا في الإنسان، غير أن كثيراً من الأمم السابقة كانوا يستعبدون مَن يَظفرون به مِن غيرهم، وكانوا يتخذون العديد من الوسائل لاستعباد غيرهم، فقد يسير العربي في بلاد فارس أو في بلاد الروم فَيُختَطف ويُستعبَد، وقد يسير الروميُّ في بلاد فارس أو في بلاد العرب فَيُختَطف ويُستعبَد، وقد يسير الإفريقيُّ كذلك في غير بلاده فَيُختَطف ويُستعبَد، وكانت الحروب أحد أسباب الاستعباد، فالأسرى كانوا يُتَّخذون عبيداً لدى مَن يأسرهم، وقد يَستدينُ إنساناً من غيره مالاً ثم يعجز عن سدادِه، فيجعل المدينُ نفسَه أجيراً عند الدائن، يَخدمَهُ حتى يكون عنده بمنزلة العبد، وربما باعَه لغيره، وقد يفتقرُ بعض الآباء أو الأمَّهات فيبيع أولاده، وقد يُختَطف الأطفال أو يؤخذ المواليد الذين تتبرأ منهم أمَّهاتهم خشية العار، فيربِّيهم مَن يأخذهم ويجعلهم عبيداً له، وآخر صور الاستعباد في العصر الحديث، ما قام به الأوربيون من اختطافٍ للأفارقة من أفريقيا وأخْذِهم إلى أمريكا عبيداً لهم، ويلاحَظ أنه حين جاء الإسلام ووجد أبواب العبودية كثيرةً، أغلق هذه الأبواب كلها، وأبْقَى باباً واحداً وهو الجهاد المشروع -الذي تحقَّقت فيه شروط الجهاد وضوابطه وأخلاقه وآدابه المنصوص عليها في كتب الفقه- وجعل الأمر معلَّقاً على إذن إمام المسلمين إن رأى المصلحة في ذلك، كما قال تعالى: (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء) فخيَّره بين أنْ يُعامِل المعتدين بالمثل، فيسترقَّ مَن يتمَّ أَسْرُه مِنهم، لأن عادتهم استعبادُ مَن يَأْسُروه منَّا، ثم الإذنَ بالاسترقاق ليس واجباً، فالإمامُ مخيَّرٌ بين أن يأذَنَ لهم أنْ يفتدوا أنفسَهم، باسترجاع أسرى المسلمين، أوبمالٍ يدفعونه، وإن شاء جعل أَسْرَاهم أَرِقَّاء، مِن باب المعاملة بالمثل، وله أنْ يَمُنَّ عليهم بإطلاق سراحهم، فقد مَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعِتْق على سيِّد أهلِ اليمامة، ثُمامة بن أَثال، فقال: (أَطلِقوا ثُمامة) ومَنَّ كذلك بالعِتْق على أهل مكة فقال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) فليس الاسترقاقُ والسَّبْيُ تشريعاً مقصوداً لذاته، ومعاذ الله أنْ يكون شهوةً يُجاهد المسلم لتحصيلها، ثم إن الشريعة فتحتْ أبواباً كثيرة للحريَّة، حتى فَهِمَ الفقهاءُ مِن ذلك أنَّ مقصود الشريعةِ تحريرُ العبيد لا سَبْيُهُم كما يزعُم المبتدعة، من الخوارج وغيرهم، فكان مِن قواعد أهل السُّنَّة القاعدة الفقهيةُ الشهيرة "الشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ لِلحُرِّيَّة" ومَن تتبَّع كتب الفقه يعجب من كثرة النصوص المتعلقة بالعبيد، والتي تدلُّ على أن الشارع الحكيم يتشوَّفُ لتحرير العبيد، ويزول العجب عندما يكتشفُ أسباب كثرتها، فهذا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، يحدِّثُ أصحابه في آخر وصيَّةٍ يوصيهم بها، وهو يودِّعهم الوداع الأخير الذي لن يلقاهم بعده في الدنيا، يوصيهم خيراً بالعبيد، فيقول لهم في خطبة حجة الوداع: (أَرِقَّاءَكم أرقَّاءَكم أرقاءَكم، أَطعموهم مما تأكلون، واكْسُوهمْ مما تَلبسون، فإنْ جاءوا بذنبٍ لا تريدون أن تغفروه، فبيعوا عباد الله ولا تعذبوهم)
إنَّ أحكام العبودية المبثوثة في كتب الفقه لم يشرعها الله إلا لرعايةِ أحد مَعْنَيين، مصلحة العبيد، أومصلحة المجتمع، ولهذا الكلام تفصيلٌ طويل الذَّيل، وأكتفي بذكر مثالٍ واحد لكلِّ معنى من المعنيين، فمن أمثلة ما تَحمي الشريعةُ به مصلحةَ الجماعة أنَّا حين نجدُ أنَّ مِن شروط القاضي أنْ يكون حُـرّاً لا عبْداً، فإنه ليس المقصود من هذا الشرط انتقاصُ العبد، بل المقصودُ رعايةُ مصلحة الجماعة، بحفْظِ مقام القضاء، ذلك أن المطلوب في القاضي أن يكون مُهاباً، وألا تشوبَ أحكامَه شائبةُ تَخوُّفٍ مِن أحد الخصمين أو مَيلٌ إلى أحدهما، وكلُّ هذه المعاني قد تعرِضُ للعبد، فالعبوديَّةُ قد تدفعه للميْلِ، فقد يميل إلى مَن هو من قبيلة سيِّده، أو يَخافُ أحد الخصمين، فهو مَظِنَّةَ أنْ يَحِيْفَ في حكمه، فناسبَ أن تتشدَّد الشريعةُ في اشتراط أوصافٍ تحمي القاضي مِن أيِّ شيءٍ يشوِّشُ ذهنه، وتحمي منصب القضاء من الخطأ في الحكم، وكثيرٌ من الأحكام المتعلِّقة بالعبيد تَرْمِي لمن تأمَّلها لتحقيق هذا المعنى، وأما رعاية مصلحة العبد فكثيرةٌ جداً كذلك، وأظهرُها تعدُّد أسباب الكفَّارات وتنوُّعها، حتى قال الشيخ الإمامُ تقيُّ الدين السُّبكي: (الشارع مُتشوِّفٌ إلى تحصيل الحريَّة ما أمكن، فنُعتِقُ القريبَ على قريبه، ونُنَزِّلُه في أبواب الكفارات في أوَّلَ الدرجات، ونَضرب صفحاً عن إيجاب الصوم على ذي الميسرة العظمَى، وإن كان الصومُ أشقَّ عليه، وما ذلك إلا تَشوُّفاً إلى تحصيل العِتق كيف قُدِّرَ الأمر) ومثالٌ آخر، وهو أنَّ مَن رَهَنَ شيئاً، لَمْ يَجُزْ له بيعُه ولا التبرُّع به، فلا يجوز لك التَّصرُّف فيما رَهَنْتَ إلا إذا دفَعْتَ الدَّين وفكَكْتَ الرَّهن، غير أنَّ الفقهاءَ استثنَوْا العبدَ، فإذا كان رَهَنْتَ عبداً، حَرُمَ عليك بَيْعُه، لألا تفوت مصلحةُ المرتَهِن، ومع هذا فإنَّ الرَّاهنَ إذا أعْتَقهُ صَحَّ عِتْقُه، فيُصيرُ حرَّاً إذا أعتقه الرَّاهن ولو كان مرهوناً بيد المرتَهِن، وما ذلك إلا لأن مصلحة تحرير الإنسان مقدَّمةٌ على مصلحة المرتَهِن، ومن فِقْهِ علماء المسلمين أنَّهم أفْتَوا السلطانَ محمداً الفاتح رحمه الله بجواز توقيع معاهدةٍ واتِّفاقٍ مع الغرب تُفضي إلى إبطال الإسترقاق، وذلك من أجل تحقيق مقصد الشريعة في مَنْعِ استعباد الناس، وفي أحكام العبوديَّة كثيرٌ مِن المعاني السامية، لو تركتُ للقلم البيان، فما أسوأَ وأقبح مَن يَلْوي أعناق النُّصوص، ليتَّخذَ مِن أحكام شريعة الله وسيلةً لتحقيق نزواته وشهواته، بسَبْيِ الأحرار واسترقاقهم .

http://alhayat.com/Articles/4243476

الجهاد في الإسلام منزلةٌ رفيعة، وأدبٌ إسلاميٌّ رفيع

الجهاد في الإسلام منزلةٌ رفيعة، وأدبٌ إسلاميٌّ رفيع، ومن الجناية على دين الله أن نجعل منه سَفكاً للدماء وتقتيلاً للأبرياء، فليس من دين الله عز وجلَّ أن تُسيء إلى آدميٍّ، بل ولا على حيوانٍ بغير وَجْهِ حق، فضلاً عن أن يكون مسلماً، فتكفِّرَه أو أنْ تطرُدَهُ مِن أرضِه، أو أنْ تقول له "يا..." ثم تعذِّبُه وتقتله! ما هكذا كان الرَّعيلُ الأوَّل من الصحابة الكرام، ولا سَلَفُهم الصالح، إنَّ مَن يفعل هذا لا يُسمَّى مجاهداً، وإنما يُسمَّى قاتلاً، وقد قال سيِّدُنا أبوبكر الصديق لمن أرسلَهُم للجهاد: (لا تقتلوا شيخا ولا صغيرا ولا امرأة ولا تَغُلُّوا، وأَحْسِنوا) وعلى هذا أجمعَ العلماءُ كما قال ابن عبد البرَّ، إنَّ شريعةَ الله بُرَآءُ مِن قومٍ يَستغلُّون براءةَ الصِّغار، والإحباط الذي يعيشُه عامَّة الناس مِن صغار وكبار، فيتصيَّدونهم الصِّغار، ويختطفونهم من آبائهم، ليُزَجُّوا بهم حَطَباً في معارك لا يعرفون لها غاية، فهَدْيُ الأنبياء عليهم السلام، بعيدٌ غايةَ البُعْد عن هذا الخلق القبيح، فحين جاء جماعةٌ من الصحابة الكرام، يستأذنون في القتال، ليَدفَعوا عن أنفُسِهم أذَى المشركين، وقالوا: يا نبيَّ الله، كُنَّا في عزٍّ ونحنُ مشركون، فلما آمنَّا صِرْنَا أذلَّةً!!! فأجابَهم صلوات ربِّي وسلامه عليه: (إني أُمِرْتُ بالعفو، كُفُّوا أيدِيَكم) فبقيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنة، يَفرضُ عليهم الإنضباط، وهذا أشدُّ عليهم مِن دفْعِهم للذَّبِّ عن أنفسهم بالقتال، حتى إذا ارْتاضَتْ نفوسُهم على عدم الانتصار للذَّات، وصار نسيانُ حظِّ النفس سجيَّةً فيها، أَذِنَ اللهُ لهم بالقتال، وذلك في السنة الثانية من الهجرة وسمَّاهُ "جهاداً" لأنه خُلُقٌ رفيع، يتخلَّقُ به المسلم حالَ السِّلم وحالَ الحرب، فالمسلم لا يعرف الحقدَ ولا التَّشفِّي، وإنما يترفَّق بالخَلْق، اقتداءً بالأنبياء عليهم السلام، الذين أرسلَهم الله لِنُصْحِ عموم البشر وهدايتهم، لا لاصطيادهم وتقتيلهم، قال القرطبيُّ: (كان عليه الصلاة والسلام، مع الأمر بالقتال، يُوَادِعُ اليهودَ ويداريهم، ويصفح عن المنافقين، وهذا بيِّنٌ) وقد وَادَعَ عليه الصلاة والسلام نصارَى النُّوبة ونصارى الحبشة، وبهذا كان الصحابة الكرام ومَن جاءَ بعدَهم، ممَّن اهتدى بهدْيهم، على حالٍ عظيمة مِن الوقوف مع الشرع في الإقبال والإدبار، فإنهم إذا نادَى منادي الجهاد لَبَّوا النداءَ بلا كُرْهٍ، ولا رغبةٍ في الانتقام، بل يجاهدون لدرْءِ فتنةٍ ودَفعِ أذَىً، امتثالا لأمر الله، وإذا انتهَتْ أسبابُ الجهاد، ودلَّ واجبُ الوقت على إيقاف القتال، توقَّفُوا غيرَ كارهين لحكم الله، فلا أثر لشهوةِ النفس حالَ جهادِهم، ولا حالَ توقُّفِهم، فيَعجَز العدوُّ عن دَفْعِهم إلى ردود أفعالٍ حمقاء، وهذا المعنى هو ما يجعلُ غايةَ المجاهدِ من القتال دَفعَ الظالم ونُصرةَ الحقِّ، من غير أن تَشوب نيَّتَهُ في جهادِه شائبةُ انتقامٍ أو تَشفٍّ، فإذا دَفَعَتْ النفسُ صاحبَها إلى التَّشفِّي، كَبَحَ لسانُ الشَّرْعِ جِماحَها، لألا يكون للانتصار للنفس أثرٌ على جهادهم، وآيةُ ذلك أنَّه إذا حمِيَ الوطيسُ واشتدَّ القتال، فإنَّك لن تجد في نفوس المسلمين حقداً ولا ضغينةً، ثم إنهم إذا انتهت المعركة وعادوا إلى بلادهم، فإنهم لا يعودون بنفوسٍ ثائرةٍ مُستَفَزَّة، فلن يجدوا أنفسهم عاجزةً عن أن تندمج في حياة الناس المعتادة، ولن يجدوها متعطِّشةً للقتال، تبحثُ عن بيئةِ قتالٍ أخرى في بلدٍ آخر، وهذا ما يُفسِّر خُلُوَّ تاريخنا المشرق من أيِّ إساءةٍ إلى غير المسلمين، حتى أنَّ عدد الكنائس في عهد المأمون كان إحدى عشرة ألف كنيسة، لم تُمسَّ بأذى، وفي المقابل لَمْ يبقَ مسجدٌ في الأندلس بعد سقوط غرناطة! هذا تاريخُنا وهذه أخلاقنا، فما أعظَمَ إثمَ مَن يُشوِّهُ هذا التاريخ .